العقيقة سنة مؤكدة عن النبي -صلي الله عليه وسلم- باتفاق جمهور أهل العلم، وذلك لما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وُلد له ولد، فأحب أن ينسك عن ولده، فليفعل.
لذا في هذا المقال نقدم إليك تفصيل هذه المسألة شرعًا والحكمة من تشريع العقيقة، وكل ما تريد معرفته في المور المتعلقة بالعقيقة.
ما هي العقيقة ؟
تُعرف العقيقة على أنها: الذبيحة التي يذبحها الوالد عن مولوده شكرًا لله -عز وجل- على هذه النعمة العظيمة.
وتُسمى أحيانًا بالتميمة لأنها تتمم على أخلاق المولود.
يتم ذبح العقيقة في اليوم السابع من ولادة المولود، ويجوز ذبحها بعد اليوم السابع ولكن الأفضل أن يكون الذبح في اليوم السابع من الولادة، وسوف يتم ذكر تفصيل تلك المسألة في المقال لاحقًا.
كما أنه إن لم يستطع الذبح في اليوم السابع من الولادة، فليكن في الرابع عشر، وإن لم يكن ففي الحادي والعشرين؛ لما أخرجه البيهقي عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العقيقة تذبح لسبع، أو لأربع عشر، أو لإحدى وعشرين.
ما هو حكم العقيقة ؟
هل العقيقة فرض في الإسلام ؟ أم أن العقيقة سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
العقيقة سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد ورد فيها أحاديث كثيرة:
- عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مع الغلام عقيقة فأريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى) رواه البخاري
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عقَّ عن الحسن والحسين كبشين كبشين) رواه النسائي وهو صحيح كما قال الألباني.
- عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها : سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) رواه أبو داود وأحمد والبيهقي وصححه الحاكم.
- عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كل غلام رهينة بعقيقته تُذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى) رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
شروط العقيقة وتوزيعها
- لايجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية.
- لا يجزئ فيها عوراء ولا عرجاء ولا جرباء.
- ولا يجزئ مكسورة، ولا ناقصة.
- لا يجز صوفها، ولا يباع جلدها.
- ولا يُباع شئ من لحمها.
- ويُؤكل منها، ويتصدق، ويهدي.
- سبيلها في جميع الوجوه سبيل الأضحية.
- لا يُشترط أن يرى الوالد دم العقيقة وليس على ذلك دليل من جمهور أهل العلم.
السن المجزئ في الأضحية والعقيقة إذا كانت من الإبل أن تكون مسنة وهي ما لها من خمس سنوات، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ماله سنة، ومن الضأن ماله ستة أشهر.
ولا يجوز أن يكون سنها أقل مما ذكر.
كما أنه ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب طبخ العقيقة كلها حتى في ما يتصدق به، ويجوز أيضًا تفريقها وتوزيعها بدون طبخ ولكن أن تُطبخ كلها افضل.
كيفية توزيع العقيقة
لقد استحب جماعة من الفقهاء تقسيم الأضاحي والعقيقة إلى ثلاثة أثلاث، نذكرها كما يلي:
- يأكل هو وأهله الثلث.
- يطعم من أراد من جيرانه الثلث.
- يتصدق بالثلث الأخير على من يشاء من المساكين والفقراء.
والدليل: قال الإمام أحمد -رحمه الله-: نحن نذهب إلى حديث عبد الله: “يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد الثلث، ويتصدق على المساكين بالثلث”. وبعض الفقهاء قال: تُجعل نصفين: يأكل نصفًا، ويتصدق بنصف.
وقد قال ابن قدامة -رحمه الله-: ولنا ما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- في صفة أضحية النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث” رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في الوظائف، وقال: حديث حسن… إلخ. انظر:المغني (13/380).
هذا بخصوص الأضحية، أما العقيقة، فكما قال الخرقي: وسبيلها على ما تقدم، فلا يشترط أن توزع على ثلاثة أقسام، بل يجوز أن يوزعها أثلاثاً، أو نصفين، أو أن يأكلها كلها، أو أن يتصدق بها كلها، أو أن يعمل عليها وليمة.
لكن الأفضل أن يأكل منها ويتصدق.
دعاء ذبح العقيقة
كما ذكرنا أن العقيقة سنة ويشرع عند ذبح العقيقة ما يشرع عند الذبح عمومًا من التسمية والتكبير .. ويزاد عند العقيقة: هذه عقيقة فلان (المولود الذي عُقَّ عنه)، وذلك لما رواه البيهقي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَقَّ عن الحسن والحسين شاتين يوم السابع وأمر أن يُماط عن رأسه الأذى وقال اذبحوا على اسمه وقولوا بسم الله والله أكبر اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان.
ما أهم فوائد العقيقة ؟
إنّ للعقيقة فوائد عدة تعود على المولود وأهله بالخير والمنفعة -بإذن الله- منها ما يلي:
- العقيقة سنة فهي تحمي المولود من الشيطان، ودليل ذلك ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: “الغلامُ مُرْتَهَنٌ بِعقِيقَتِه، فأَهْرِيقُوا عنهُ الدَّمَ، وأميطوا عنهُ الأَذَى”
- المولود عند ولادته يكون معرض للشيطان وعند قيام والديه بالعقيقة له فإنهما يحميانه منه.
- في ذبح العقيقة اقتداءٌ من الوالد بنبيّ الله إبراهيم عليه السلام؛ وذلك أنّ الوالد حينما يولد له ولدٌ يقدّم قربانًا يتقرّب به إلى الله تعالى كما فعل إبراهيم عليه السلام.
العقيقة سنة وسبيلٌ حسن لينال المولود دعاء الناس له بالخير والصلاح والبركة منذ بداية حياته.
ففي العقيقة أداءٌ من الوالدين لعبادة شكر الله تعالى بأن وهبهم المولود.
الحكمة من ذبح العقيقة
تتلخص الحكمة في جعل العقيقة سنة في كلمة واحدة وهي “الشكر لله”.
الشكر لله -جل وعلا- على نعمة الولد التي أنعم الله بها على الوالدين.
لذلك شرّع الله -عز وجل- العقيقة وجعل العقيقة سنة حيث إن البنون نعمة كما قال -جل وعلا- {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
هل يجوز الجمع بين الاضحية والعقيقة ؟
هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين:
منهم من أجاز الجمع بين الأضحية والعقيقة كما هو مذهب أحمد -رحمه الله- ومن وافقه.
ومنهم من منعها لأن المقصود مختلف، فالمقصود بالأضحية الفداء عن النفس ومن العقيقة الفداء عن الطفل وعليه فلا يتداخلان. ولاشك أن الأخذ بالقول الثاني أولى لمن كانت عنده سعة وقدرة عليه فمن لم تكن له سعة فالأخذ بمذهب أحمد أولى له.
ما حكم من لم يذبح العقيقة ؟
تتكاثر الأسئلة حول هذه النقطة وحول ما إذا كان من لم يذبح العقيقة مذنب أم لا.
عندما سُئل الشيخ ابن الباز عن ذلك أجاب وقال: العقيقة سنة عن كل واحد.
العقيقة سنة إذا تيسر لك تذبح عن كل واحد، الذكر ثنتان، والأنثى واحدة، إذا تيسر، وإن كان فيه مشقة، فالحمد لله، ليست بواجبة، العقيقة سنة تذبح عن الأنثى شاة واحدة، وعن الذكر اثنتين، وهذا هو المشروع، ولو كانوا كبارًا إذا نسيت أو جهلت أو عجزت وهم صغار، والحمد لله، وإذا شق ذلك سقطت، والحمد لله.